أعادت نتائج إنفيديا للربع الأول ترسيخ محور الذكاء الاصطناعي بوصفه محرك النمو والانتاجية الرئيس لأسواق الأصول هذا العام. فقد تجاوزت الإيرادات 44 مليار دولار بزيادة سنوية تناهز 69%، مع الهامش الإجمالي إلى 71% مع تصعيد إنتاج رقاقات بلاكويل في الربع المنتهي يوليو. ما يلفت الانتباه أن الشركة سعّرت مسبقاً فجوة قدرها ثمانية مليارات دولار ناجمة عن القيود الأميركية على الصادرات إلى الصين، ومع ذلك وجّهت مبيعات الربع الثاني إلى 45 مليار دولار ±2 %، ما يعني أن معدل النمو البالغ 60% سنوياً يبقى قائماً حتى بعد استبعاد الصين. هذه القدرة على تحويل أكثر من 40% من الإيرادات إلى تدفقات نقدية حرة تمنح المستثمرين تحوط طبيعي أمام مخاطر المدة في وقت يراوح فيه عائد سندات الخزانة لأجل ثلاثين عاماً حول 5%. في المقابل، ارتفع السهم 5% بعد ساعات التداول. إعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي المرتبط بالذكاء الاصطناعي من الصين إلى اقتصادات تتمتع بفوائض تمويلية ، كالخليج ، يرفع المعنويات في المجال الرقائق ويمهد الطريق امام التوقعات بالنمو في الربع القادم.
في مشهد متوافق، أعلن إيلون ماسك تركه مكتب كفاءة الحكومة الذي أنشأه تحت إدارة ترامب، بعد يوم من انتقاده لمشروع قانون خفض الضرائب المسمّى. “Big Beautiful Bill” الاستقالة جاءت بينما اخترق عائد الثلاثين عاماً حاجز 5.15 % الاسبوع الماضي ، الأعلى منذ 2007، في إشارة لا تخطئها العين إلى أن حملة السندات يطالبون بعلاوة أعلى لتعويض مخاطر الدين طويل الأجل، خصوصاً بعد خفض موديز التصنيف الائتماني السيادي. هذه التطورات تضع العجز الأميركي تحت عدسة مكبّرة ، مرة اخرى ، فالتوسع المالي المزمن يفرض على وزارة الخزانة زيادة إصدار السندات، ما يدفع المستثمرين إلى إعادة تسعير علاوة الأجل ويرفع عبء خدمة الدين الفيدرالي. على الرغم من جهود سكوت بيسنت ، رجل وول ستريت ، في البيت الأبيض لتهدئة المخاوف، فإن سلسلة التخبط السياسي في القرارات من رأس الهرم قد تنسف سريعاً سمعة بُنيت على مدى عقود. تجربة ماسك تكشف بجلاء الفجوة بين ثقافة الانضباط المالي في الشركات الربحية وحوافز النظام الفيدرالي الذي يملك هوامش من العجز يصعب ترويضها في دورة رئاسية – تعتبر قصيرة الأجل مقارنة بأزمة العجز الاميركية المستمرة منذ عقود. في الأسواق، ظهرت ملامح هذا التوتر من خلال ارتفاع توقعات التضخم طويل الأجل في عقود المقايضة، لتذكر المستثمرين بأن مصدرا هيكلياً يكمن في الحسابات المالية الفيدرالية لا في دورات الأعمال وحدها.
وبينما تستوعب الأسواق عودة الانفاق السخي وارتفاع العوائد، أعادت محكمة التجارة الدولية توزيع أوراق اللعبة التجارية. فقد قضت بأن الرئيس ترامب تجاوز حدود سلطاته التنفيذية عندما فرض تعرفة يوم التحرير الشاملة، مؤكدة أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة لا يمنح البيت الأبيض تفويضاً مفتوحاً لفرض ضرائب على الواردات. القرار الذي أعاد سلطة التعريفات إلى الكونغرس تحول فوراً إلى متنفس للسوق: عقود S&P 500 الآجلة تقدمت 1.5%، ومؤشرات آسيا ربحت ما بين 1 و1.5%، فيما تراجع الذهب هامشياً وتداول مؤشر الدولار شمال 100. مع ذلك، لا ينبغي التغافل عن أن الإدارة سلكت مسار الاستئناف فورا ، فالمعركة القضائية المرتقبة تُبقي علاوة عدم اليقين قائمة، وترفع الضوضاء الإخبارية التي يصعب على المستثمرين فصلها عن الإشارات الجوهرية. هذا السياق يحافظ على مستويات مرتفعة من التقلب الضمني، خصوصاً في القطاعات شديدة الحساسية للتعريفات كالتكنولوجيا، حتى لو انعكاس الأثر يطال جميع القطاعات بدرجات مختلفة. وإذا صمد الحكم، قد نشهد موجة إعادة تسعير وتقلص الفجوة التقييمية مع القطاعات الدفاعية، بالتزامن مع ميل الكفّة إلى الأسهم على حساب السندات بفضل تراجع الخطر التضخمي.
تفاعل هذه المحاور، نمو إنفيديا الجامح، واستقالة ماسك وما تكشفه عن هشاشة الانضباط المالي، وقرار المحكمة الذي يعيد تشكيل أوراق السياسة التجارية ، يؤدي الى وضع معقد للأسواق في النصف الثاني من العام. المستثمرون يجدون أنفسهم أمام مفاضلة فطفرة الذكاء الاصطناعي تُشبه في طبيعتها مشاريع بنية تحتية منظمة أكثر من كونها دورة تكنولوجية عادية، ما يمنحها حصانة نسبية أمام تشديد الأوضاع المالية لكنها في الوقت ذاته مهددة بارتفاع تكاليف التمويل واضطراب الحركة التجارية. وفي الخلفية، يبقى المنحنى الطويل لعوائد الخزانة الأميركية هو البوصلة التي سيقاس عليها مدى قدرة السوق على استيعاب العجز وتبعات السياسة التجارية في آن معا فاندفاع مستدام لعائد الثلاثين عاماً فوق 5.15% قد يشتت تأثير الزخم الإيجابي لأرباح نفيديا والمحكمة التجارية ، بينما يعود اختباره لمستوى 4.90% ليبسط مدى لموجة الصعود في الأصول عالية المخاطرة على الاقل في المدى القصير والى اتضاح الرؤية بشأن الامور القانونية واجراءات المحكمة.
المحصلة أن الأسواق تتعامل مع الذكاء الاصطناعي المواصل لرحلته الشيقة ورياح معاكسة قادمة من الخزانة والمحاكم على حد سواء. وفي غياب حسم سريع في أي جبهة، يُرجح أن تبقى الارتدادات الحالية مناطق اختبار لشهية المخاطرة وليست مساراً صاعداً مستداماً، إلى أن يتضح أي من القوى المتصارعة سينتزع زمام المبادرة في نهاية المطاف.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."