الأسواق العالمية بين ضغوط التضخم وامال التيسير بعد جاكسون هول

أغلقت الأسواق الأمريكية على تراجع طفيف في مطلع الاسبوع مع استمرار تعديل التوجهات في أعقاب خطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول في جاكسون هول، حيث انخفض مؤشرS&P  500 بنحو 0.4%، وتراجع الناسداك 0.2% في جلسة لم تكن الاكثر نشاط من ناحية احجام التداول.

أما في آسيا فقد جاءت التداولات أكثر إيجابية، حيث قادت الأسهم الصينية المكاسب بارتفاع يقارب 1.5% في استمرار للارتفاعات المتواصلة منذ 4 ايام بقيادة قطاع التكنولوجيا ومدفوعة بتوقعات استمرار السياسات التيسيرية ومطاردة زخم الارتفاعات من متداولي التجزئة.

في سوق السندات، شهد منحنى العائد الأمريكي بعض التحرك الإيجابي، إذ ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بشكل محدود ليصل إلى حدود 4.275%، وبشكل مشابهه عوائد اجال 30 سنة ليستقر عند 4.891% وهو ما يشكل في كلا نقطتي المنحنى إعاده توازن بعد التحرك الاكبر خلال جلسة اخر الاسبوع الى اصول المخاطر.

أما في أسواق اخر ، الصرف الأجنبي، فقد استعاد الدولار بعض التماسك DXY مع ارتفاع مؤشر الدولار إلى حدود 98.3 بعد التراجعات الأخيرة على نبرة باول التيسيرية. اليورو مقابل الدولار EURUSD تراجع وتخلى عن مستويات 1.1700 ليتداول عند مستويات منتصف الاسبوع الماضي. لا حركة كبيرة في هذا السوق في العملات الاساسية بل تحركات في نطاق معقول تشير الى توازن ما بعد جاكسون هول.  

في السلع، ارتفع خام برنت بنسبة 1.5% ليقترب من 68.8 دولار للبرميل، مدعوم بضعف الدولار من ناحية ومن ناحية اخرى وتوقعات السياسة النقدية التيسيرية، بينما تراجع الذهب بشكل جانبي ليبلغ 3366 دولار للأونصة.  ارضية الذهب تبدو خصبه ، فمن خلال تقليل المخاوف بشأن التضخم ، طمأن باول الأسواق بأن مسار السياسة النقدية يميل نحو التيسير بدلاً من استمرار التشديد، وهو ما يشكل بيئة داعمة بطبيعتها للمعدن الأصفر.
في المدى القريب، ارى ان معادلة المخاطر والعوائد لصالح الذهب. فتصريحات باول عززت قناعة المستثمرين بأن دورة الخفض باتت أقرب، حتى وإن كان ذلك يتجاوز ما تعكسه البيانات الاقتصادية الحالية. وفي هذا السياق، يفتح الفيدرالي المائل للتيسير الباب أمام موجة صعودية جديدة للذهب، خاصة إذا فشلت البيانات المقبلة في تأكيد تفاؤل باول.

ويبرز حدثان كمحركات رئيسية للسرد الحالي ، تقرير مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي PCE المتوقع أن يقترب من مستوى 3%، بما يوحي بأن الفيدرالي قد يتساهل في هدف التضخم البالغ 2% خلال الفترة القادمة، الأمر الذي قد يضغط على الدولار ويمهد الطريق لاختبار الذهب لمستوى 3,400 دولار. لكن الأنظار ستتجه بشكل أكبر إلى بيانات الوظائف غير الزراعية الأسبوع المقبل، حيث إن أي مؤشرات إضافية على ضعف سوق العمل ستعزز توجهات الخفض وتدعم الطلب على الذهب.

وبشأن الحدث الابرز هذا الاسبوع ، تتجه الأنظار إلى نتائج أرباح نفيديا المنتظرة هذا يوم الاربعاء بعد الجلسة وسط توقعات باستمرار النمو الاستثنائي في طفرة الطلب على الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي. التقديرات تشير إلى تحقيق أرباح تقارب دولار واحد للسهم مع قفزة سنوية تتجاوز 45%، فيما قد تصل الإيرادات إلى نحو 46 مليار دولار بزيادة تفوق 50% عن العام الماضي. مدفوعين بزخم سلسلة رقائق Blackwell وبتوسع المبيعات في الأسواق العالمية وخصوصا في الشرق الاوسط واسيا. ورغم التفاؤل الكبير، يظل المستثمرون حذرين من مفاجات السوق الصينية وتدخلات الحكومة الاميركية في المبيعات الصينية التي سوف تؤثر في هوامش الربحية أو الإرشادات المستقبلية التي قد تعيد النظر في التقييمات.

نظرة مستقبلية

 الصورة العامة توحي الى تحركات الأصول بأن الأسواق العالمية لا تزال تسير على وقع خطاب باول، مع محاولة الموازنة بين إشارات التيسير النقدي من جهة وبين المخاوف من الضغوط التضخمية من جهة أخرى وبأنتظار البيانات الاقتصادية من مؤشر الاستهلاك الشخصي وبيانات الوظائف الاسبوع المقبل.